فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ}.
فإن أظهرتم الصدقة فنعم ما تفعلون؛ لتكونوا قدوة لغيركم، ولتردوا الضغن عن المجتمع. وإن أخفيتم الصدقة وأعطيتموها الفقراء فإن الله يكفر عنكم بذلك من سيئاتكم، والله خبير بالنية وراء إعلان الصدقة ووراء إخفاء الصدقة. والتذييل في هذه الآية الكريمة يخدم قضية إبداء الصدقة وقضية إخفاء الصدقة، فالحق خبير بنية من أبدى الصدقة، فإن كان غنيًا فعليه أن يبدي الصدقة حتى يحمي عرضه من وقوع الناس فيه؛ لأن الناس حين يعلمون بالغني فلابد أن يعلموا بإنفاق الغني، وإلا فقد يحسب الناس على الغني عطاء الله له، ولا يحسبون له النفقة في سبيل الله. لماذا؟ لأن الله يريد أن يحمي أعراض الناس من الناس.
أما إن كان الإنسان غير ظاهر الغنى فمن المستحسن أن يخفي الصدقة. وإن ظهرت الصدقة كما قلت ليتأسى الناس بك، وليس في ذهنك الرياء فهذا أيضا مطلوب. والحق يقول: {والله بما تعملون خبير} أي أن الله يجازي على قدر نية العبد في الإبداء أو في الإخفاء. إنه باستقراء الآيات التي تعرضت للإنفاق نجده سبحانه يسد أمام النفس البشرية كل منافذة الشح، ويقطع عنها كل سبيل تحدثه به إذا ما أرادت أن تبخل بما أعطاها الله، والخالق الذي وهب للمخلوق ما وهبه يطلب منه الإنفاق، وإذا نظرنا إلى الأمر في عرف المنطق وجدناه أمرًا طبيعيا؛ لأن الله لا يسأل خلقه النفقة مما خلقوا ولكنه يسألهم النفقة مما خلقه لهم.
إن الإنسان في هذا الكون حين يطلب إيمانيًا منه أن ينفق فلازم ذلك أن يكون عنده ما ينفقه، ولا يمكن أن يكون عنده ما ينفقه إلا إذا كان مالكًا لشيء زاد على حاجته وحاجة من يعوله، وذلك لا يتأتى إلا بحصيلة العمل. إذن فأمر الله للمؤمن بالنفقة يقتضي أن يأمره أولًا بأن يعمل على قدر طاقته لا على قدر حاجته، فلو عمل كل إنسان من القادرين على قدر حاجته، فكيف توجد مقومات الحياة لمن لا يقدر على العمل؟. إذن فالحق يريد منا أن نعمل على قدر طاقتنا في العمل لنعول أنفسنا ولنعول من في ولايتنا، فإذا ما زاد شيء على ذلك وهبناه لمن لا يقدر على العمل.
ولقائل أن يقول: إذا كان الله قد أراد أن يحنن قلوب المنفقين على العاجزين فلماذا لم يجعل العاجزين قادرين على أن يعملوا هم أيضًا؟
نقول لصاحب هذا القول: إن الحق حين يخلق.. يخلق كونًا متكاملًا منسجمًا دانت له الأسباب، فربما أطغاه أن الأسباب تخضع له، فقد يظن أنه أصبح خالقًا لكل شيء، فحين تستجيب له الأرض إن حرث وزرع، وحين يستجيب الماء له إن أدلى دلوه، وحين تستجيب له كل الأسباب، ربما ظن نفسه أصيلًا في الكون. فيشاء الله أن يجعل القوة التي تفعل في الأسباب لتنتج، يشاء سبحانه أن يجعلها عرضًا من أعراض هذا الكون، ولا يجعلها لازمة من لوازم الإنسان، فمرة تجده قادرًا، ومرة تجده عاجزًا.
فلو أنه كان بذاتيته قادرًا لما وجد عاجز. إذن فوجود العاجزين عن الحركة في الحياة لفت للناس على أنهم ليسوا أصلاء في الكون، وأن الذي وهبهم القدرة يستطيع أن يسلبهم إياها ليعيدها إلى سواهم، فيصبح العاجز بالأمس قادرًا اليوم، ويصبح القادر بالأمس عاجزًا اليوم وبذلك يظل الإنسان منتبها إلى القوة الواهبة التي استخلفته في الأرض. ولذلك كان الفارق بين المؤمن والكافر في حركة الحياة أنهما يجتمعان في شيء، ثم ينفرد المؤمن في شيء، يجتمعان في أن كل واحد من المؤمنين ومن الكافرين يعمل في أسباب الحياة لينتج ما يقوته ويقوت من يعول، ذلك قدر مشترك بين المؤمن والكافر. والكافر يقتصر على هذا السبب في العمل فيعمل لنفسه ولمن يعول.
ولكن المؤمن يشترك معه في ذلك ويزيد أنه يعمل لشيء آخر هو: أن يفيض عنه شيء يمكن أن يتوجه به إلى غير القادر على العمل. محتسبا ذلك عند الله. ولذلك قلنا سابقا: إن الحق سبحانه حينما تكلم عن الزكاة تكلم عنها مرة مطلوبة أداء، وتكلم عنها مرة أخرى مطلوبة غاية فقال: {والذين هم للزكاة فاعلون}. ولم يقل للزكاة مؤدون، فالمؤمنون لا يعلمون لقصد الزكاة إلا إن عملوا عملا على قدر طاقاتهم ليقوتهم وليقوت من يعولهم، ثم يفيض منهم شيء يؤدون عنه الزكاة. والحق سبحانه وتعالى في أمر الزكاة: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)} سورة البقرة.
إذن فحصيلة الأمر أن الزكاة مقصودة لهم حين يقبلون على أي عمل. لقد صارت الزكاة بذلك الأمر الإلهي مطلوبة غاية، فهي أحد أركان الإسلام وبذلك يتميز المؤمن على الكافر. والحق سبحانه وتعالى حين تعرض لمنابع الشح في النفس البشرية أوضح: أن أول شيء تتعرض له النفس البشرية أن الإنسان يخاف من النفقة لأنها تنقص ما عنده، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشح في قوله: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» رواه مسلم. هي كذلك، ولكن الحق سبحانه أوضح لكل مؤمن: أنها تنقص ما عندك، ولكنها تزيدك مما عند الله؛ فهي إن أنقصت ثمرة فعلك فقد أكملتك بفعل الله لك. وحين تكملك بفعل الله لك، يجب أن تقارن بين قوة مخلوقة عاجزة وقوة خالقة قادرة.
ويلفتنا سبحانه: أن ننظر جيدًا إلى بعض خلقه وهي الأرض، الأرض التي نضع فيها البذرة الواحدة- أي الحبة الواحدة- فإنها تعطي سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فلو نظر الإنسان أول الأمر إلى أن ما يضعه في الأرض حين يحرث ويزرع يقلل من مخازنه لما زرع ولما غرس، ولكنه عندما نظر لما تعطيه الأرض من سبعمائة ضعف أقبل على البذر، وأقبل على الحرث غير هياب؛ لأنها ستعوضه أضعاف أضعاف ما أعطى. وإذا كانت الأرض وهي مخلوقة لله تعطي هذا العطاء، فكيف يكون عطاء خالق الأرض؟ {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)} سورة البقرة.
إذن فقد سد الحق بهذا المثل على النفس البشرية منفذ الشح. وشيء آخر تتعرض له الآيات، وهو أن الإنسان قد يحرج في مجتمعه من سائل يسأله فهو في حرصه على ماله لا يحب أن ينفق، ولحرصه على مكانته في الناس لا يحب أن يمنع، فهو يعطي ولكن بتأفف، وربما تعدى تأففه إلى نهر سأله وزجره، فقال الحق سبحانه وتعالى ليسد ذلك الموقف: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} سورة البقرة.
وقول الله: {قول معروف ومغفرة} يدل على أن المسئول قد أحفظه سؤال السائل وأغضبه الإحراج، ويطلب الحق من مثل هذا الإنسان أن يغفر لمن يسأله هذه الزلة إن كان قد اعتبر سؤاله له ذنبًا: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} سورة البقرة.
وبعد ذلك يتعرض الحق سبحانه وتعالى إلى المن الذي يفسد العطاء؛ لأنه يجعل الآخذ في ذلة وانكسار، ويريد المعطي أن يكون في عزة العطاء وفي استعلاء المنفق، فهو يقول: إنك إن فعلت ذلك ستتعدى الصدقة منك إلى الغير فيفيد، ولكنك أنت الخاسر؛ لأنك لن تفيد بذلك شيئا، وإن كان قد استفاد السائل. إذن فحرصا على نفسك لا تتبع الصدقة بالمن ولا بالأذى. ثم يأتي الحق ليعالج منفذا من منافذ الشح في النفس البشرية هو: أن الإنسان قد يحب أن يعطي، ولكنه حين تمتد يده إلى العطاء يعز عليه إنفاق الجيد من ماله الحسن، فيستبقيه لنفسه ثم يعزل الأشياء التي تزهد فيها نفسه ليقدمها صدقة فينهانا سبحانه عن ذلك فيقول: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} من الآية [267 سورة البقرة].
أي إن مثل هذا لو أعطى لك لما قبلته إلا أن تغمض وتتسامح في أخذه وكأنك لا تبصر عيبه لتأخذ، فما لم تقبله لنفسك فلا يصح أن تقبله لسواك. ثم بعد أن تكلم القرآن عن منافذ الشح في النفس الإنسانية بين لنا أن الذي ينتج هذه المنافذ ويغذيها إنما هو الشيطان: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)}.
فإن سويتم بين عدة الشيطان ووعد الله لكم بالرضوان كان الخسران والضياع. فراجعوا إيمانكم، وعليكم أن تجعلوا عدة الشيطان مدحورة أمام وعد الله لكم بالفضل والمغفرة. ثم يتكلم بعد ذلك عن زمن الصدقة وعن حال إنفاقها- ظاهرة أو باطنة- وتكون النية عندك هي المرجحة لعمل على عمل، فإذا كنت إنسانا غنيا فارحم عرضك من أن يتناوله الناس وتصدق صدقة علنية فيما هو واجب عليك لتحمي عرضك من مقولهم، وأن أردت أن تتصدق تطوعا فلا مانع أن تسر بها حتى لا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك.. فعن ابن عباس رضي الله عنهما: صدقات السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفا، وصدقة الفريضة علانيتها افضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا.
وكأن الله فتح أمام النفس البشرية كل منافذ العطاء وسد منافذ الشح. انظروا بعد ذلك إلى الحق سبحانه حينما يحمي ضعاف المؤمنين ليجعلهم في حماية أقوياء المؤمنين. اعلم أيها العبد المؤمن أنك حين تتلقى حكم الله لا تتلقاه على أنه مطلوب منك دائما، ولكن عليك أن تتلقى الحكم على أنه قد يصير بتصرفات الأغيار مطلوبا لك، فإن كنت غنيا فلا تعتقد أن الله يطالبك دائما، ولكن قدر أنك إن أصبحت بعرض الأغيار في الحياة فقيرًا سيكون الحكم مطلوبًا لك. فقدر- حال كونه مطلوبًا منك الآن؛ لأنك غني- أنه سيطلب لك إن حصلت لك أغيار، فصرت بها فقيرًا.
إذن فالتشريع لك وعليك، فلا تعتبره عليك دائما لأنك إن اعتبرته عليك دائما عزلت نفسك عن أغيار الحياة، وأغيار الحياة قائمة لا يمكن أن يبرأ منها أحد أبدا لذلك أمر سبحانه المؤمن أن يكفل أخاه المؤمن. انظروا إلى طموحات الإيمان في النفس الإنسانية، حتى الذين لا يشتركون معك في الإيمان. إن طلب منك أن تعطي الصدقة المفروضة الواجبة لأخيك المؤمن فقد طلب منك أيضا أن تتطوع بالعطاء لمن ليس مؤمنا. وتلك ميزة في الإسلام لا توجد أبدا في غيره من الأديان، إنه يحمي حتى غير المؤمن.
ولذلك يقول الحق: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (272)}. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} فجعل الله صدقة السر في التطوّع على علانيتها سبعين ضعفًا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفًا، وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها.
وأخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمل السر أفضل من العلانية أفضل لمن أراد الاقتداء به».
وأخرج البيهقي عن معاوية بن قرة قال: كل شيء فرض الله عليك فالعلانية فيه أفضل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إن تبدوا الصدقات} الآية. قال: كان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: كل مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السر أفضل. وذكر لنا أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} قال: هذا منسوخ وقوله: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [الذاريات: 19] قال: منسوخ نسخ كل صدقة في القرآن الآية التي في التوبة {إنما الصدقات للفقراء} [التوبة: 60] الآية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال: قلت يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد مقل أو سر إلى فقير، ثم تلا هذه الآية: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} الآية.
وأخرج الطيالسي وأحمد والبزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلك عن كنز من كنوز الجنة قلت: بلى يا رسول الله. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة. قلت: فالصلاة يا رسول الله؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقل ومن شاء أكثر. قلت: فالصوم يا رسول الله؟ قال: قرض مجزىء. قلت: فالصدقة يا رسول الله؟ قال: أضعاف مضاعفة وعند الله مزيد. قلت: فأيها أفضل؟ قال: جهد من مقل وسر إلى فقير».
وأخرج أحمد والطبراني في الترغيب عن أبي أمامة. «أن أبا ذر قال: يا رسول الله ما الصدقة؟ قال: أضعاف مضاعفة وعند الله المزيد، ثم قرأ: {من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرة} [البقرة: 245] قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: سر إلى فقير أو جهد من مقل، ثم قرأ: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} الآية».
وأخرج أحمد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لمَّا خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم، الماء. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح. قالت: فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله».
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».
وأخرج الطبراني عن معاوية بن حيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن صدقة السر تطفئ غضب الرب».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب قضاء الحوائج والبيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء».
وأخرج أحمد في الزهد عن سالم بن أبي الجعد قال: كان رجل في قوم صالح عليه السلام قد آذاهم، فقالوا: يا نبي الله ادع الله عليه. فقال: اذهبوا فقد كفيتموه، وكان يخرج كل يوم فيحتطب، فخرج يومئذ ومعه رغيفان فأكل أحدهما وتصدق بالآخر، فاحتطب ثم جاء بحطبه سالمًا، فجاؤوا إلى صالح فقالوا: قد جاء بحطبه سالمًا لم يصبه شيء، فدعاه صالح فقال: أي شيء صنعت اليوم؟ فقال: خرجت ومعي قرصان تصدقت بإحدهما وأكلت الآخر.
فقال صالح: حل حطبك. فحله فإذا فيه أسود مثل الجذع عاض على جذل من الحطب، فقال: بها دفع عنه. يعني بالصدقة.
وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد قال: خرجت امرأة وكان معها صبي لها، فجاء الذئب فاختلسه منها، فخرجت في أثره وكان معها رغيف، فعرض لها سائل فأعطته الرغيف، فجاء الذئب بصبيها فرده عليها.
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله، فأما الذين يحبهم الله فرجل أتى قومًا فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة فتخلف رجل من أعقابهم فأعطاه سرًا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم نزلوا فوضعوا رؤوسهم فقام رجل يتملقني ويتلو آياتي، ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له. وثلاثة يبغضهم الله: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير، والتسبيح أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنة من النار».
وأخرج ابن ماجة عن جابر بن عبد الله قال «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية، ترزقوا وتنصروا وتجبروا».
وأخرج أبو يعلى عن جابر «أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكعب بن عجرة: يا كعب بن عجرة الصلاة قربان، والصيام جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. يا كعب بن عجرة الناس غاديان فبائع نفسه فموبق رقبته، ومبتاع نفسه في عتق رقبته».
وأخرج ابن حبان عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت النار أولى به، يا كعب بن عجرة الناس غاديان فغاد في فكاك نفسه فمعتقها، وغاد موبفها. يا كعب بن عجرة الصلاة قربان. والصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا».
وأخرج أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس».
وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه عن عمر قال: ذكر لي أن الأعمال تباهي فتقول الصدقة: أنا أفضلكم.
وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يخرج رجل بشيء من الصدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطانًا».
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الصدقة لتطفئ على أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته».
وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة».
وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا فإن الصدقة فكاككم من النار».
وأخرج الطبراني عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها».
وأخرج الطبراني عن ميمونة بنت سعد أنها قالت: يا رسول الله أفتنا عن الصدقة؟ قال: إنها فكاك من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله.
وأخرج الترمذي وحسنه وابن حبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء».
وأخرج الطبراني عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة تسد سبعين بابًا من السوء».
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي ذر قال: ما خرجت صدقة حتى يفك عنها لحيا سبعين شيطانًا كلهم ينهى عنها.
وأخرج ابن المبارك في البر والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء».
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليدخل باللقمة الخبز وقبضة التمر ومثله مما ينتفع به المسكين ثلاثة الجنة: رب البيت الآمر به، والزوجة تصلحه، والخادم الذي يناول المسكين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي لم ينس خدمنا».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة».
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليتق أحدكم وجهه من النار ولو بشق تمرة».
وأخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، اشتري نفسك من النار ولو بشق تمرة، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان».
وأخرج البزار وأبو يعلى عن أبي بكر الصديق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعواد المنبر يقول «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإنها تقيم العوج، وتدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها من الشبعان».
وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعبد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعة ستين عامًا، فأمطرت الأرض فأخضرت، فأشرف الراهب من صومعته فقال: لو نزلت فذكرت الله فازددت خيرًا، فنزل ومعه رغيف أو رغيفان، فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها، ثم أغمي عليه، فنزل الغدير يستحم فجاء سائل فأوما إليه أن يأخذ الرغيفين ثم مات، فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزينة فرجحت الزينة بحسناته، ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغفر له».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود. أن راهبًا عبد الله في صومعة ستين سنة، فجاءت امرأة فنزلت إلى جنبه، فنزل إليها فواقعها ست ليال، ثم سقط في يده فهرب، فأتى مسجدًا فأوى فيه ثلاثًا لا يطعم شيئًا، فأتى برغيف فكسره فأعطى رجلًا عن يمينه نصفه، وأعطى آخر عن يساره نصفه، فبعث الله إليه ملك الموت فقبض روحه، فوضعت الستون في كفة ووضعت الستة في كفة فرجحت الستة، ثم وضع الرغيف فرجح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري. نحوه.
وأخرج البيهقي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له خصفة بن خصفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «هل تدرون ما الشديد؟ قلنا: الرجل يصرع الرجل! قال: إن الشديد كل الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، تدرون ما الرقوب؟ قلنا: الرجل لا يولد له! قال: إن الرقوب الرجل الذي له الولد لم يقدم منهم شيئًا، ثم قال: تدرون ما الصعلوك؟ قلنا: الرجل لا مال له! قال: الصعلوك كل الصعلوك الذي له المال لم يقدم منه شيئًا».
وأخرج البزار والطبراني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة».
وأخرج البزار والطبراني عن النعمان بن بشير «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة».
وأخرج البزار والطبراني عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة».
وأخرج البزار والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «يا عائشة، اشتري نفسك من الله، لا أغني عنك من الله شيئًا ولو بشق تمرة، يا عائشة، لا يرجعن من عندك سائل ولو بظلف محرق».
وأخرج مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحه صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى».
وأخرج البزار وأبو يعلى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على كل ميسم من الإِنسان صدقة كل يوم. فقال بعض القوم: إن هذا لشديد يا رسول الله ومن يطيق هذا؟ قال: أمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وإن حملك على الضعيف صدقة، وإن كل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن ابن آدم ستون وثلثمائة مفصل، عن كل واحد منها في كل يوم صدقة، فالكلمة يتكلم بها الرجل صدقة، وعون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء تسقي صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة».
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تبسمك في وجه أخيك يكتب لك به صدقة، وإن إفراغك من دلو أخيك يكتب لك به صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق يكتب لك به صدقة، وإرشادك للضال يكتب لك به صدقة».
وأخرج البزار عن أبي جحيفة قال «دهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من قيس مجتابي الثمار متقلدي السيوف، فساءه ما رأى من حالهم، فصلى ثم دخل بيته، ثم خرج فصلى وجلس في مجلسه، فأمر بالصدقة أو حض عليها فقال: تصدق رجل من ديناره، تصدق رجل من درهمه، تصدق رجل من صاع بره، تصدق رجل من صاع تمره. فجاء رجل من الأنصار بصرة من ذهب فوضعها في يده، ثم تتابع الناس حتى رأى كومين من ثياب وطعام، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل كأنه مذهبة».
وأخرج البزار عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث يومًا على الصدقة، فقام علية بن زيد فقال: ما عندي إلا عرضي، وإني أشهدك يا رسول الله، أني تصدقت بعرضي على من ظلمني ثم جلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت المصدق بعرضك قد قبل الله منك».
وأخرج البزار عن علية بن زيد قال «حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فقام عليه فقال: يا رسول الله، حثثت على الصدقة وما عندي إلا عرضي فقد تصدقت به على من ظلمني فأعرض عني، فلما كان في اليوم الثاني قال: أين علية بن زيد، أو أين المتصدق بعرضه فإن الله تعالى قد قبل منه».
وأخرج أحمد وأبو نعيم في فضل العلم والبيهقي عن أبي ذر «أنه قال: يا رسول الله، من أين نتصدق وليس لنا أموال؟ قال: أن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله واستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوك عن طريق الناس، والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر، قال أبو ذر: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان لك ولد فأدرك فرجوت أجره فمات أكنت تحتسب به؟ قلت: نعم. قال: فأنت خلقته؟ قلت: بل الله خلقه. قال: فأنت هديته؟ قلت: بل الله هداه. قال: فأنت كنت ترزقه؟ قلت: بل الله كان يرزقه. قال: فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا فإنه يوشك أن يخرج الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال قط فتصدقوا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت «أهديت لنا شاة مشوية فقسمتها كلها إلا كتفها، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: كلها لكم إلا كتفها».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب وابن عساكر عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} إلى آخر الآية في أبي بكر وعمر، جاء عمر بنصف ماله يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رؤوس الناس، وجاء أبو بكر بماله أجمع يكاد أن يخفيه من نفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت لأهلك؟» قال: عدة الله وعدة رسوله. فقال عمر لأبي بكر: ما سبقناك إلى باب خير قط إلا سبقتنا إليه.
وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله. وأتى أبو بكر يحمل ما عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا.
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب قال: إنما أنزلت هذه الآية: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} في الصدقة على اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ: {وتكفر عنكم من سيئاتكم} وقال: الصدقة هي التي تكفر.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة ابن مسعود {خير لكم تكفر} بغير واو. اهـ.